كم هو جميل أن يتألق وينتصر منتخبنا الوطني الجزائري ويتأهل إلى نهائيات كأس العالم وجميل جدا أن يلقى التجاوب والدعم من وزراء يتهافتون على حضور مبارياته ومن جماهير من الكبار والصغار لاحديث يبنهم سوى عن كرة القدم التي أنستهم همومهم ومشاكلهم اليومية. لكن الأجمل من كل هذا ألا نتوقف عند هذا الحد ولا تتوقف الحياة عند الإنتصار والتأهل ولا تتعطل مصالح الناس ولا عجلة التنمية بسبب إنتصارات المنتخب . الإنطباع السائد اليوم وكل المعطيات والمؤشرات تدل على أن كل شيئ متوقف أو مؤجل منذ الفوز على مصر شهر جوان الماضي رغم حرارة الصيف ومشاكل الإصطياف وكثرة حوادث المرور وظهور وباء أنفلونزا الخنازير وإرتفاع الأسعار في رمضان وهموم الأولياء مع الدخول المدرسي ثم متطلبات عيد الفطر دون أن ننسى إلغاء قروض الإستهلاك والقوانين الجديدة التي تفاجأ بها المستثمرون . كل هذه المستجدات والمواعيد وتأثيرها المباشر على المواطنين يقابلها ركود سياسي، إجتماعي وثقافي قد يمتد إلى الصائفة المقبلة . وحتى في المجال الرياضي والكروي عندنا غاب الحديث عن كل شيئ إلا عن المنتخب ، فلم يعد هناك أدنى إهتمام بالأندية والإتحاديات والرياضات الأخرى واللجنة الأولمبية التي لاتزال بدون رئيس ولا أحد يتكلم اليوم عن التكوين والمدارس الكروية وما يجب أن نفعل بعد التأهل إلى المونديال وحتى التأهل إلى نهائيات كأس أمم إفريقيا بأنغولا مر مرور الكرام عند الجميع بما في ذلك وسائل الإعلام. صحيح أن سحر كرة القدم وما تفعله بالشعوب والحكومات وصحيح أننا لم نفرح منذ عقدين من الزمن وأن مشاعر الإعتزاز والإفتخار لايمكن التحكم فيها ولكن الأصح أن لا تتوقف حياة الجزائريين ولا تتعطل مصالحهم بسبب نتائج المنتخب لأن مشاغلنا ومتاعبنا لازالت " هي هي" ويوجد ثمانية ملايين أمي في الجزائر وثلاثة ملايين بطال وأكثر من مليون معاق ونفس العدد من المصابين بأمراض مزمنة وحوادث المرور تقتل حوالي أربعة ألاف مواطن في السنة وكلها أرقام مخيفة يجب أن توضع نصب أعين كل السياسيين والمسؤولين والمواطنين ، ويرفع التحدي من أجل التغلب عليها مثلما رفع التحدي على مستوى الإتحادية والمنتخب الجزائري من أجل التأهل إلى المونديال بكل جدارة وإستحقاق. إننا نريد سحر المجتمع وليس سحر الكرة فقط .